مقدمة: قصة أرض مغربية تحت الاستعمار
الصحراء المغربية؟ تلك الأرض الشاسعة جنوب المملكة. ليست مجرد صحراء. إنها جزء من التاريخ المغربي، من الهوية، من الأرض التي حكمها السلاطين لقرون.
لكن كيف تحولت هذه الأرض المغربية إلى نقطة نزاع؟ وما دور جبهة البوليساريو والجزائر؟
دعني أخبرك القصة من البداية — من زمن الاستعمار الإسباني حتى اليوم.
الجذور التاريخية: الصحراء المغربية قبل الاحتلال
قبل أن نتحدث عن النزاع، لازم نفهم حقيقة مهمة: الصحراء المغربية كانت تحت السيادة المغربية. القبائل الصحراوية كانت تبايع السلاطين المغاربة، والعلاقات التجارية والدينية كانت تربط الصحراء بباقي المملكة.
يعني الموضوع مش جديد ولا مخترع. هذه أرض مغربية بالتاريخ وبالجغرافيا.
الاستعمار الإسباني: بداية المأساة
في أواخر القرن التاسع عشر، جاء الاستعمار الإسباني واحتل الصحراء المغربية. إسبانيا — مثل باقي القوى الاستعمارية — قسمت المنطقة وفرضت سيطرتها بالقوة.
المغرب نفسه كان تحت الحماية الفرنسية والإسبانية في تلك الفترة. لكن بعد الاستقلال سنة 1956، بدأ المطالبة باسترجاع كل أراضيه — بما فيها الصحراء المغربية التي كانت لا تزال تحت الاحتلال الإسباني.
خروج إسبانيا: فرصة الاستقلال أم مؤامرة جديدة؟
في السبعينيات، بدأت إسبانيا تفكر في الانسحاب من الصحراء. كان العالم يتغير، والاستعمار أصبح مرفوضاً دولياً.
لكن إسبانيا ما خرجت ببساطة. بدل ما تسلم الأرض للمغرب — صاحب السيادة التاريخية — قررت تعقيد الأمور.
المسيرة الخضراء 1975: لحظة تاريخية
في نوفمبر 1975، نظم المغرب المسيرة الخضراء. حوالي 350 ألف مغربي ساروا سلمياً نحو الصحراء المغربية للمطالبة باستعادتها. كانت لحظة تاريخية فريدة — شعب كامل يطالب بأرضه بدون عنف، فقط بالمصاحف والأعلام الوطنية.
إسبانيا وافقت على الانسحاب. ووقعت اتفاقية مدريد في نفس السنة، التي نصت على نقل الإدارة للمغرب وموريتانيا (التي انسحبت لاحقاً سنة 1979).
كل شيء كان يسير نحو الحل. أليس كذلك؟
دخول جبهة البوليساريو: من جاء بها؟
هنا يبدأ التعقيد الحقيقي.
جبهة البوليساريو — وهي حركة انفصالية — ظهرت في بداية السبعينيات. كانت في الأصل تقاتل ضد الاستعمار الإسباني، لكن بعد خروج إسبانيا، حولت سلاحها ضد المغرب.
السؤال المهم: كيف استمرت هذه الجبهة؟ من يدعمها؟ من يمولها؟
دور الجزائر: أطماع إقليمية مخفية
الإجابة واضحة: الجزائر.
الجزائر — الجار الشرقي للمغرب — تدعم جبهة البوليساريو منذ البداية. تستضيفها على أراضيها، تمولها، تسلحها، وتدافع عنها في المحافل الدولية.
ليش الجزائر تفعل ذلك؟
لأن أطماع الجزائر في المنطقة واضحة. الجزائر تريد منفذاً على المحيط الأطلسي، وتريد إضعاف المغرب إقليمياً. النزاع المغربي الجزائري — وإن كان مغطى بغطاء 'تقرير المصير' — هو في الحقيقة صراع على النفوذ والمصالح.
الجزائر تستخدم البوليساريو كورقة ضغط ضد المغرب. وهذا معروف للجميع — حتى للمجتمع الدولي.
تقرير المصير: حجة أم ذريعة؟
جبهة البوليساريو — بدعم من الجزائر — تطالب بـ'تقرير المصير' للسكان الصحراويين. يعني استفتاء يقرر مصير الصحراء.
لكن هذا الطرح فيه مشاكل كثيرة جداً:
من هم الصحراويون الأصليون؟ الجزائر جلبت آلاف الأشخاص لمخيمات تندوف (على أراضيها) تدعي أنهم صحراويون. كيف نضمن نزاهة أي استفتاء؟
الصحراء أرض مغربية تاريخياً. تقرير المصير ينطبق على شعوب مستعمَرة — والصحراويون مغاربة أصلاً.
الجزائر نفسها ترفض تقرير المصير للقبائل في أراضيها. يعني معايير مزدوجة، صح؟
الحل المغربي: الحكم الذاتي
المغرب — بدل الجمود — قدم مبادرة الحكم الذاتي للصحراء سنة 2007.
هذه المبادرة تمنح سكان الصحراء المغربية حكماً ذاتياً واسعاً. يديرون شؤونهم المحلية، اقتصادهم، تعليمهم، صحتهم — كل شيء. لكن السيادة تبقى مغربية.
دعم دولي متزايد
الحكم الذاتي لاقى دعماً دولياً متزايداً:
الأمم المتحدة وصفت المبادرة بأنها 'جادة وذات مصداقية'
الولايات المتحدة اعترفت رسمياً بسيادة المغرب على الصحراء سنة 2020
دول أوروبية وعربية وأفريقية تدعم الطرح المغربي بشكل متزايد
حتى فرنسا — التي كانت حذرة تاريخياً — أعلنت دعم الطرح المغربي مؤخراً.
دعم الطرح المغربي يتزايد لأن المجتمع الدولي يفهم أن هذا الحل واقعي ومنطقي. والأهم، أنه يحفظ حقوق الجميع.
النزاع الإقليمي: من يستفيد؟
لو نظرنا للموضوع بموضوعية، سنجد أن الخاسر الأكبر من استمرار النزاع هم سكان المنطقة. الشباب بدون مستقبل، الاقتصاد متوقف، التنمية معطلة.
من يستفيد؟ الجزائر. التي تستخدم البوليساريو لإضعاف المغرب وتحقيق أطماعها الإقليمية.
النزاع المغربي الجزائري هو السبب الحقيقي لاستمرار هذه المشكلة. لو الجزائر توقفت عن دعم البوليساريو، النزاع سينتهي غداً.
الصحراء المغربية اليوم: تنمية حقيقية
المغرب لم ينتظر نهاية النزاع ليبدأ التنمية. استثمرت المملكة مليارات الدولارات في الصحراء المغربية:
بنية تحتية حديثة
ميناء طنجة المتوسط وارتباطه بالصحراء
جامعات ومستشفيات
مشاريع طاقة متجددة ضخمة
الصحراء المغربية اليوم أكثر تطوراً من مخيمات تندوف — حيث يعيش أنصار البوليساريو في ظروف صعبة، بدون حقوق، بدون حرية.
أي زائر للصحراء المغربية يرى الفرق الكبير. هذا واقع لا يمكن إنكاره.
الأمم المتحدة: دور محايد أم مشلول؟
الأمم المتحدة حاولت — ولا تزال تحاول — إيجاد حل. لكن الجزائر والبوليساريو يعرقلان أي تقدم.
كل مبعوث أممي يصل لنفس النتيجة: الحل الوحيد الواقعي هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
لكن الجزائر ترفض. لماذا؟ لأن حل النزاع يعني خسارة ورقة الضغط ضد المغرب.
الخلاصة: مستقبل الصحراء المغربية
نزاع الصحراء المغربية ليس نزاعاً على تقرير المصير. إنه نزاع إقليمي — صراع بين المغرب والجزائر على النفوذ في المنطقة.
المغرب يقدم حلاً واقعياً: الحكم الذاتي. الجزائر ترفض لأن مصلحتها في استمرار النزاع.
المجتمع الدولي يفهم الآن من يريد الحل ومن يريد التعطيل. دعم الطرح المغربي يزداد يوماً بعد يوم.
التعليقات (0)
اترك تعليق
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!